مما لا شك فيه ان القانون والنظام حين وضعا في مفاصل هذه الحياة، كان هناك الكثير ممن حاول الولوج الى اغراضه واهدافه، ومناقشة مواده وفقراته للوصول الى قانون اكمل ونظام اتم، يتماشى مع العصر والزمن الذي يعيشه القانون في ذلك الوقت، اذ ان القانون البشري حين وضعه لا يمكن ان يتخلى او يتجرد عن ظروفه المحيطة به، وممن يعيشون معه من الافراد مهما حاول المشرع ان يبتعد عن التأثر والتحيز لمن حوله، فنجد ان عجلة الاضافة والحذف لا تتوقف ابدا، هذا كله في خصوص نتاج العقل البشري فحسب .
القانون الالهي حين ينزل محيطا بالكل جامعا للمصلحة العامة التي تخدم الانسان، فهو الغاية والهدف لا غير، بينما نجد القانون البشري في كثير من المواضيع يخدم الدولة او المؤسسة او المنظمة، ثم يأتي الانسان بالدرجة الثانية، لذا نجد ان هناك فارقا كبيرا بين ما يضعه الانسان وما ينزله الله تعالى، وعليه فأن ماحدث في البرلمان من تقاطعات، سببها الكتل السياسية ومن يمثلهم بهذه المؤسسة المهمة، والتي يقع عليها تشريع القوانين، فنجدها تسير بطريق تلبية الطلبات وما تحدده الكتل وفق ماتراه مناسبا لها، ولا وجود لرؤية سياسية يفرضها الواقع .
مناقشة موعد الانتخابات والذي تمخض عنه من نقاشات وتجاذبات، اثبتت ان لا وجود لمراعاة لمصلحة عامة، بل على العكس فالبعض يرى ان تأجيل الانتخابات ضرورة لابد منها لما يراه هو وكتلته، وذهب الاخر ان عدم التأجيل ضرورة حسب رؤية كتلته ايضا، وبين هذا وذاك ضاعت المصلحة العامة وما يترتب على ذلك من نكران للذات، الذي يعمل به القليل، كذلك مناقشة قانون الموازنة فهو لا يختلف كثيرا عن مناقشة الكثير من القوانين المهمة والتي تخص المواطن .
نتيجة لما يحدث في اروقة صانعي القرار يثار سؤال مفاده، هو لماذا لا توجد الية معينة يعمل بها لمواجهة مثل هكذا مواضيع؟ الاجابة عن هذا السؤال مرهونة بمدى وطنية الكتل وممثليها بالبرلمان، فمن المؤكد انه كلما عمل بمدأ الوطنية ستكون هناك مناقشة واقعية وبعيدة عن التجاذبات، والعكس يؤدي الى تعطيل لعمل المؤسسات، وبالتالي الذهاب بطريق التدخلات الخارجية، والتي تتحين الفرص للعمل على فرض رؤية، مخطط لها خارجيا ويتم تنفيذها داخليا، لتكون بديلا مناسبا يضمن ابقاء المؤسسات الحيوية تعمل بالفوضى وعدم الاستقرار .
على اعتاب مرحلة مهمة قادمة وصفت بأنها الاهم، منذ ان عرفت الديمقراطية بمفهومها الحالي الاكثر وضوحا، يفترض على كل مؤسسة او منظمة اذا ارادت ان تنجح في عملها، ان تجعل هدفها وغايتها الانسان، ثم المؤسسة وارباحها واهدافها بالدرجة الثانية، ويجب ان لا يغفل الانسان وهو قطب الدائرة والكل دائر حوله، لا على مايفهمه الكثيرون ان احترام القانون مقدم على احترام الانسان، فأولا واخيرا وضع القانون له ولخدمته .
|