• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : قطارات قصص قصيرة جدا .
                          • الكاتب : حسن عبد الرزاق .

قطارات قصص قصيرة جدا

امنية

بعد توقف دام خمس ساعات ، تحرك القطار مغادرا المزرعة التي شاءت الصدف ان يصيبه العطل بالقرب منها .

فرح الركاب جميعا بالخلاص من هذا السجن الطويل الا راكب واحد منهم ، حيث تمنى ان يكون العطل مؤبدا حتى لايصل الى سجن العاصمة المرحل اليه.

                                   *

 

احنه مشينه ...

في عام 1980 اودع وجهه الحمائمي في مراة غرفته وركب القطار النازل الى جبهة الحرب .

بعد ثمانية اعوام عاد في القطار الصاعد الى مدينته .

وحينما دخل الدار واصبح في غرفة عزوبيته ، وجد المراة تحتضن بين اطارها وجه نسر ذي منقار يحمل بقايا دم.

                               *

عرس مظلم      

بعدما اشتعلت المحطة زغاريدا ورقصا وغناء لاكثر من ساعة ، ركب العريسان الحبيبان العربة ذراعا مشبوكا بذراع .

ورويدا رويدا ، اخذهما قطار الساعة التاسعة  الى جوف الظلام ذاهبا بهما الى فندق الزواج في بغداد .

في اليوم التالي رجعا معا في قطار الثالة صباحا :

بنصراهما  بلا خاتمين . بدلتاهما بلا بياض الزفاف . عيونهما نار وموت . وقطعة قماش العروس خالية من الدماء .

 

 

 

                                              ضمير

باعه النشالون الى بعضهم والرجل يغط بنوم ذي شخير على كرسي العربة مغطيا وجهه بيشماغه .

في المحطة ماقبل الاخيرة وصل دور بيعه الى نشال مضى على وجوده في القطار اربعة ايام بدون رزق .

اشتراه هذا بماتبقى في جيبه من مال  ، وانتظر لحظة الوصول لكي يستغل زحام النزول ويسرق محفظته.

لكنه ولمجرد ان رأى وجه الرجل وهو يستيقظ ، هرع الى العربات الاخرى  لكي يستعيد ماله من صاحبه .

فيده الخفيفة صارت بثقل الحجر عندما وجد ان فريسته هذه هو احد جيران اهله القدماء .

 

                                   *

 

رائحة بعيدة

نظر من خلال زجاج النافذة  ، فوجد الفجر فضة منثورة على وجه الريف ، يتخللها عمود دخان خفيف يتصاعد من احدى بقاع الارض .

طار به الدخان الى مدينته الجنوبية ، فشم  رائحة (زوري) الصباح المشوي في تنور امه .

اجتاحة رغبة طفولية بالنزول في ذلك المكان ، لكن القطار لم يمهله ، ومضى به مندفعا بسرعة هائلة نحو مدينة فرنسية يفطر اهلها بالجمبري .

 

                                *

 

تيتي

عاد الى الدار بعد انتهاء الدوام الرسمي . في راديو السيارة التي نقلته من المحطة ، وطوال الطريق كانت فرقة( الفور ام)  تغني :

(( طار في الهوا شاشي وانت متدراشي يوله))

وقد كان منسجما مع ابو عوف واخواته حد الرغبة في الرقص لولا الخجل وسهر الليلة الماضية.

عند بداية الشارع ، ولمجرد ان شاهدوه ، هرع نحوه حشد من صغار المحلة ومعهم ابنه (علاوي) ، وقبلهم هرعت اصواتهم الناعمة منادية عليه :

- عمو .. عمو .. عمو .

- ها ؟

- عمو .جاء الرفاق الى بيتك وسجلوا اسمك في قاطع الجيش الشعبي .

جمَده الخبر في مكانه ، ثم حوله الى تمثال من صخر يدور في رأسه السؤال التالي :

- هل انا الرجل الوحيد في هذه المدينة حتى استدعى للجبهة ثلاث مرات ؟

طال تصخره لبضع دقائق بدون ان يجد جوابا مقنعا لسؤاله ، ثم خرج من الجمود فجأة ، وبدون اية مقدمات هتف بالصغار :

- يلله ..رددوا ورائي كلمة يوله فقط :

ثم بدأ يغني :

(( اسمك بالقاطع ماشي وانت متدراشي ))

والاطفال يصرخون ((يوله))

بعدها سار باتجاه داره معيدا الاغنية مرة بعد اخرى مع هزة خفيفة من الكتفين ، والجمع يردد، بينما كانت دموع علاوي تهطل بصمت على حال ابيه الذي تحول من عمٍ محترم في المحلة الى مسخرة للاطفال.

 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=115119
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2018 / 02 / 03
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 16