في وقت تتذرّع السلطة السعودية أمام المجتمع الدولي بإجراء إصلاحات وتغييرات من شأنها تحسين واقع المجتمع على يدي ولي العهد محمد بن سلمان الذي نسف المفاهيم الاجتماعية للمواطنين وعمل على إدخال مفاهيم أخرى تجمّل صورته أمام العواصم الغربية وتتنافي مع أوجه الإصلاح المزعوم، تستمر الاتهامات للرياض بنشر الفكر الوهابي المتطرف الذي ينتج عنه الكثير من الإرهاب والترهيب، ما يدفع منظمات حقوقية لحضّ المجتمع الدولي على ملاحقة الرياض لتغيير مناهجها الدراسية، وعلى وجه الخصوص بعد تذييلها بقائمة البلدان المتصفة بأنها “مصدر قلق خاص”، في تقرير اللجنة الأميركية حول الحريات الدينية في العالم. “قانون الشفافية والإصلاح التعليمي السعودي”، تحت هذا العنوان قدم النائبان الجمهوري تيد بو والديمقراطي وبيل كيتنغ في الكونغرس الأميركي مشروع قانون في ديسمبر الماضي، لمراقبة إصلاح المناهج الدراسية في الرياض، ودفعها لوقف التحريض على الإرهاب وبث روح الكراهية والعداء للآخرين من كتبها التعليمية، ومن شأن هذا القانون الضغط على السلطة السعودية لإجراء الإصلاحات المطلوبة في المناهج، وفق ما اعتبر الباحث بمنظمة “هيومن رايتس ووتش” والمسؤول عن مراقبة وضع حقوق الإنسان في “السعودية” آدم كوغل. كوغل، وفي مقال بصحيفة “ذا هيل” الأميركية، ونشر على موقع منظمة “هيومن رايتس ووتس”، بيّن أن القانون الأميركي ينص على أن يسلم وزير الخارجية الأميركي تقارير سنوية للكونغرس عما إذا كانت السعودية قد أزالت المحتوى “غير المتسامح” من كتبها المدرسية أم لا، وهذه المبادرة من شأنها زيادة الضغط على الرياض لإصلاح المناهج الدراسية. يتناول مشروع القانون مسألة الحرية الدينية، وكانت لجنة الولايات المتحدة للحريات الدينية قد صنفت السعودية مرارا وتكرارا على أنها “دولة تثير قلقا خاصا” وهي اقسى تسمية للدول التي تنتهك الحرية الدينية مما قد يثير عقوبات معينة على السعودية من قبل الحكومة الأميركية، بموجب القانون الدولي للحرية الدينية لعام 1998، ولكن هيمنة المصالح الأميركية السعودية على المطالبات القانونية يثير تخوفاً، بسبب السياسية والمصالح المشتركة بين السلطتين، خاصة أن هذا القانون يسمح للرئيس الأميركي بإصدار تنازلات لإعفاء الدول من العقوبات إذا كان “سيزيد من أهداف العمل” أو “إذا كانت المصلحة الوطنية الهامة للولايات المتحدة تتطلب ممارسة سلطة التنازل هذه””، وقد حظيت الرياض بهذا الأمر في عام 2006. الباحث بمنظمة “هيومن رايتس ووتش” دعا أعضاء الكونغرس إلى الإسراع في تطبيق القانون من أجل إجبار الرياض على إزالة خطاب الكراهية من مناهجها الدراسية الدينية، حيث أن ابن سلمان وقف صامتاً حيال خطاب الكراهية الرسمي الذي سبق أن تحدثت عنه “هيومن رايتس”، وقد حاول ابن سلمان التغطية على الانتهاكات الممارسة بحق الحريات الدينية عبر مزاعم الإصلاح، من السماح للمرأة بالقيادة والدخول إلى الملاعب الرياضية، ورفع الحظر عن دور السينما، إلا أن هذه الأمور لايمكن اعتبارها إصلاحات في ظل الانتهاكات الجسيمة المرتكبة. منذ العام 2011 وأحداث 11 سبتمبر، تثير مناهج التعليم في السعودية المخاوف من انتشارها بسبب الأفكار الوهابية المتطرفة التي تخلق بيئة خصبة لتشريع وتمويل الأعمال الإرهابية في أماكن ودول مختلفة وخاصة في مناطق الصراع والاستقطاب الطائفي، وقد أشار كوغل إلى أن الكتب المدرسية العام الدراسي 2016-2017 ما زالت تتضمن مقاطع تشوه جماعات دينية أخرى، حيث ” تنتقد الكتب المدرسية مراراً وتكراراً المعتقدات الشيعية والصوفية لزيارة القبور والمزارات الدينية والتوسل، بالرسول وأهل بيته إلى الله”، ويتم تكفيرهم بسببها.
المصدر مرآة الجزيرة
|