في قراءة انطباعية لمنجز الكاتبة إيمان كاظم الحجيمي، والتي نشر لها تسع قصص في كتاب الفتوى الخالدة (متابعات توثيقية)، وهو من اعداد السيد محمد علي الحلو، ولجنة مساعدة مكونة من الشيخ اياد الطائي، والسيد صلاح الحلو، والأستاذ مهند البراك، كان ارتكاز مسعاها الادبي على قوة الاستهلالية، والاستهلال مدخل للولوج الى تفاصيل المتن النصي, ويعد من اهم عناصر البناء الفني التي تشكل البنية السردية، والراوي هو الشخص الذي يروي الحكاية، وينظم تشكيل الاحداث. ومعظم رواة هذه الكاتبة يعملون بضمير الغائب المشارك في الاحداث، وهي مقدرة الكتابة من اجل ابداع شخصيات قادرة على النطق بصوتها لا بصوت الكاتبة، والكاتبة ايمان كاظم الحجيمي متمكنة في تقديم شخوصها دون احتياجها للائحة التعريفية؛ كونها تبحث عن توثيق الفعل البطولي، وليس توثيق أسماء ورجالات إلا فيما ندر. في قصة (وهبته لله ص301) تمنح الكاتبة الحيوية في رصد الواقع، فقادت الصراع النفسي للبطلة بواسطة أفعال ماضية وتاء التأنيث الساكنة التي منحت البعد السردي مستوى تعبيري (دخلت – ترددت – عادت – استغرقت - انجبت)، تسعى الى تشكيل قناعة فكرية من خلال الأسئلة الاستفهامية في اكثر قصصها (كيف لأم أن تبارك التحاق ولدها في ساحة الحرب؟ كيف يمكنها ان تتقبل احتمال فقده؟). تمتاز الكاتبة في توجيه الكد الاستفهامي لمقدرته على كشف لواعج النفس واضطراباتها، وتمتاز بتمكنها في ترك النهايات القادرة على صنع الدهشة والابهار، اقفال النص وفتحه معرفياً. وفي قصة (الخطوة الأخيرة ص307) تبرز سمه اسلوبية أخرى الى اسلوبية الاستفهام ودهشنة الخاتمة, وهي سمة ربط حيثيات الواقع مع المرجع التاريخي المقدس، تارة عن طريق الاستشهاد المباشر لأم وهب (رضوان الله عليها) والتي شاركت في واقعة الطف، او من خلال نشيد حسيني يربطنا بالواقع الانتمائي (نحن لا نهزم)، وقصة الخطوة الأخيرة من القصص التي اشتهرت وكتبت من قبل العديد من الكتاب وبأساليب مختلفة، وهذه الكاتبة كتبتها بأسلوب ذكي وجذاب يحيلنا الى حكاية غير مقروءة، اشتغلت على الواقع بفنية عالية. وفي قصة (نداء شهيد ص377) اختارت الكاتبة أسلوب سردي مقروء لتمهل الكاتب قراءة ثغرات النص للنفاذ من خلالها الى الواقع في قصة (بقايا دمع ص389) لاحظنا إضافات اسلوبية، واقصد صناعة مجسات سردية قادرة على كشف ماهية الموضوع، ففي قصة (حديث فراشة ص480) قصة المقاتل جهاد أبو فاطمة عبر سرد متقن ليكون معبراً الى شعورية المشهد السردي والارتكاز على شعرية محبوبة (الصبر أحيانا طفل عنيد). وهناك استشهاد ولد في قصة (قلبي في غيابه ص399) اذ عملت على توثيق شخصية الشهيد سامر عطى نديم العبودي، وأظهرت تمكنها من التوثيق أيضا، لكن السعي الى توثيق الفعل الجهادي عندها اسمى من توثيقات الأسماء من الشهداء، كما وجدنا تعزيز اسلوبية السردية التعريفية للأحداث من خلال اللقطة الشعورية للدخول الى عوامل الحدث. وفي قصة (واغمض قلبه ص410 ) نجد خاتمة غير عادية لمقاتل أصيب في عينه وما عاد يبصر، يسأل زوجته:ـ "هل عليّ أن اغمض قلبي لكي أنام؟" هذا هو التمكن الذي نتحدث عنه في ابراز المحاورة والمشهدية والدرامية الشعرية لحظة القراءة. ومن ضمن اسلوبيات التمكن وجدنا في قصة (رسالة بلغة الدم ص419) أسلوباً آخر هو الأسلوب السردي الحواري: :- انا خجل من نفسي. :- ما الذي فعلته حتى تخجل؟ :- المصيبة اني لم افعل. وهذا ما فعلته في قصة (رؤيا ص429)، اذ تحكمت الكاتبة ايمان كاظم الحجيمي في بث الفعل الاسلوبي المتجدد، فكانت مبدعة في جميع ما كتبت.
|