• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : حوارٌ مع أحد مريدي الدكتور شريعتي .
                          • الكاتب : ابو تراب مولاي .

حوارٌ مع أحد مريدي الدكتور شريعتي

السلام عليكم، من خلال النظرة السريعة لصفحتكم تبيّن لي:
1- انتم طالب علوم شرعيّة.
2- قدوتكم -كما هو قدوتنا- السيستاني العظيم.
لذا ارجو ان تسمعوني بكلّ ود، وان لانجعل للتعصّب او مبتنياتنا السابقة مكاناً يؤثر في صياغة احكامنا على الآخرين ...
سيّدي الكريم،
 اوّلاً: الحكم من قِبل الفقهاء على شخص انّه فاسق او منحرف يُعدُّ حكماً بمصداق خارجي، وهذا ليس من الأحكام الملزمة للمقلِّدين، فالذي يلزم المقلّد هو معيار المجتهد حول الفسق والإنحراف، امّا انّ هذا الإنحراف ينطبق على فلان دون فلان فهذه من وظيفة المكلّف حسب معيار مرجعه لا من وظيفة المجتهد.
نعم، يبقى رأي استاذ الكلّ(السيّد الخوئي) محلّ احترام بالتأكيد، لكن احترام رأيه بفلان شيء، ووجوب العمل به شيء آخر.
ثمّ إن المجتهدين الذين اثنوا على شريعتي ليسوا باعة خضار: فالخمينيّ الراحل روّح الله مرقده والسيّد موسى الصدر رحمه الله والخامنائي نفع الله به، لا اقل يشكّلون بيّنة مُعارِضة لبيّنة من حكم بانحراف شريعتي(على فرض انكم لاتقبلون بمسألة الموضوعات الخارجيّة).

ثانياً: من اين جاءت القسمة الثنائيّة(منحرف او مستقيم)كحكم نهائي على الأشخاص! ألا يتعامل الله عزّ وجل بمنطق "فمن يعمل مثقال ذرّة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرّة شرّا يره" بمعنى يُحاكم الإنسان بمنطق الميزان والكفة التي تثقُل فانها هي التي تسوق صاحبها الى الجنان او الى الجحيم! ألا يفتي الفقهاء بصحة صيام من صام دون صلاة، فصيامه شيء وصلاته شيء آخر، يثاب على الاوّل ويعاقب على الثاني. فبأي منطق نقول إنه يثاب فقط او يعاقب فقط!
كيف يمكن انكار الخدمات الجليلة الّتي قدّمها شريعتي للإسلام، كيف ننسى دوره في حسينية الإرشاد في انتشال الشباب من حضيض البؤس والفتن الى رياض الإيمان والتقوى!
ثالثاً، اتخرجه مثل (ان الرسول امر بالصلاة خلف ابي بكر) عن ربقة الولاء لعلي بالتالي عن ربقة التشيّع .. في حين لاتخرج غيره مسألة (انحراف عبد الله بن عباس) مثلاً عن ربقة شيء؟!

عليكم السلام ورحمة الله 
حياكم الله تعالى ...
إطمئنوا ..لن اتعصب يوما مع من يناقش بمنطقية  وأنتم حقيقون بالاحترام .. 

بالنسبة لأولا : فاسمحولي بمخالفتكم في ذلك .. لانكم خلطتم بين تحديد الموضوع من قِبَلِ الفقيه وبين حكم الفقيه ... 
إن تحديد #الموضوع صحيح هو من وظيفة المكلّف في كثير من الاحيان ولا دخل للفقيه فيه .. فاذا قال الفقية : يجب على المقلدين الوضوء  بماء قراح .. فإن تحديد موضوع الماء القراح منوط بالمكلف ..
واما #حكم الفقيه فليس كذلك ... بل هو الحكم على موضوع خارجي .. كما اذا حكم على مالٍ على أنه لزيد وحكم على أن فلانة تحرم على فلان وحكم على أن فلان منحرف وضال .. الخ .. فإذن الحكمهو ان هناك موضوع محدد من قِبَلِ الفقيه وقد صبّ الحكم عليه ... والسؤال : هل يجب العمل وفق هذا الحكم ام لايجب ؟ .. الجواب كما هو متفق عليه : نعم يجب العمل بهذا الحكم ولا يجوز نقضه ... 
وفي موضوعنا .. فان الفقهاء قد ردّوا على شريعتي وبينوا أنه منحرف وضال ... وهذا حكم وليس تقنين لقاعدة فضفاضة ليكون التطبيق منوط بالمكلف .. 
اما هل هناك فقهاء معترف بفقاهتهم  اثنوا على شريعتي ؟! ... الجواب كلا ..  بل المنقول عن السيد الخميني رحمه الله غير ماذكرتم .. 
ولو فرضنا ان هناك من قال بذلك فهذا لا يشكّل معارضة .. لأن الواحد والاثنين لا يعارضون الكم الهائل من العلماء الذين حكموا بانحرافه ..

واما بالنسبة لثانياً ..
لا .. فإن المخالفات على قسمين :  أ . مخالفات عملية .. وحسابها يكون بميزان من يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره .... والدليل ان هذا الميزان قد أخذ العمل موضوعا للاثابة وللعقوبة ومثالكم للصوم والصلاة من هذا القبيل ... ب . مخالفات عقدية .. وهذه المخالفات العقدية قد تُخرج الانسان عن ربقة المؤمنين وتضعه في خانة الضالين ! فإن من يُنكر ديمومة الرسالة المحمدية الراجع هذا الانكار لتكذيب النبي ص او ينكر عدالة الله تعالى او ينكر حدود الله تعالى الخ .. فإن حكم مثل هذا ليس كحكم من ترك الصيام ... لأن الصيام فرع واما انكار العقيدة او انكار الضروري يوجب تكذيب النبي ص .. كحكم شريعتي بان تعدد الزوجات حكم جائر ضد المرأة  .. ومعنى ذلك اما انكار هذا الحكم او الاعتقاد بعدم عدالة المشرّع وكلاهما يوجبان الحكم بان المعتقد باحدهما منحرف عقدياً .. 
اما حديثكم عن خدماته ... فإن حسنات المرء لا تشفع لتضليله الناس وتمييع عقائدهم وتشكيكه بدينهم كما ذكرت بعضا من تشكيكاته في مسألة التعدد وعدالة المشرّع ... فلو أن الشاب صدّق بان هذا الحكم او ذاك .. ظالم !! فهل يا ترى يسلّم لاحكام الشريعة حتى الضروري منها ؟؟؟ فانه سينظر الى كل الاحكام بعين الريبة والشك... وهذا اثر كارثي على عقيدة الشباب لموقف واحد من مواقف شريعتي .. فأي خدمات واي انتشال؟؟؟ 
نعم هو نقل البعض من دين النص الشرعي الى دين الذوق الانساني ... وهذا الدين هو المنهي عنه بان الدين لا يؤخذ من عقول الرجال ... وانه لا يجوز الاجتهاد في مقابل النص .. وهو قريب جدا من منهج ابي حنيفة الذي عبر عنه الامام الصادق بانه ماحق للدين .. 

واما بالنسبة لثالثاً ..
فإني قد ذكرت 7 مخالفات له وليس قضية الصلاة خلف ابي بكر فقط ... وحتى هذه المسالة ايضا خطرة لان القوم يرتبون عليها قضية الخلافة وان ذلك اشارة لابي بكر بالخلافة مع انها قصة مكذوبة من الأساس.. 
وما ذكرته من نقاط تكفي للحكم عليه بالانحراف العقدي وان بعض انكاراته ترجع الى تكذيب القرآن والنبي ص .. 
هذا .. خصوصا اذا عرفنا منشأ ثقافته .. ومن هم الذين تأثر بهم .. 
واما قضية ابن عباس .. فان ابن عباس لا يعدو كونه شخصية تاريخية وصحابي .. وليس من المعصومين ولا ممن يجب الاعتقاد بهم ... فهو خاضع لموازين الجرح والتعديل .
سلمكم الله ورعاكم ..

شكراً لسعة الأفق لديكم ..
اوّلاً، لا اعتقد اني اخلطت، وانما هي المسألة دقيقة، التفت معي، لو اني ذهبت الى الحاكم الشرعي وطلبت منه الفصل في خصومة ما مع زيد، فيقول لي ان الحق مع زيد، نعم هذا حكم، اما من هو زيد؟ هل هو ابن علي او ابن حسن، هل فعلاً الذي كان ندّاً لي في الخصومة هو زيد المقصود ام غيره، هذا كله ليس من شأن المجتهد.
بمعنى ان من تنطبق عليه القاعدة 1 و2 و3 مثلاً فهو منحرف وإلّا فلا .. اما ان فلاناً بعينه تنطبق عليه هذه القواعد الثلاثة فهذا لا يتكفّل به المجتهد، فقد ارى نتيجة لمخالطتي للشخص المعني أنه لاتنطبق عليه القواعد هذه اجمالاً، بالتالي من حقّي مخالفة هذا المجتهد.
هذا ليس اعتراضاً على اساطين الفقه إطلاقاً، ولكنه اعتراض على منهجنا نحن المكلفين بالتعامل مع هكذا مسائل.
في حقبة ما ظهر شخص يفسّق الشارد والوارد لأدنى مناسبة، عمل بهذه التفسيقات انصاره، ومازلنا الى الآن نتذوّق مرارة تلك التفسيقات، رحم الله الشيخ حسن الكوفي، كان احد ضحاياه.

ثانياً، صعب جداً مسألة (عدم الإعتراف بفقاهة) من أيّد شريعتي، صعب جداً رفع الفقاهة عن السيد البهشتي، السيد محمود الطالقاني، السيد موسى الصدر، حتّى الخامنائي، فضلاً عن السيّد الخميني الذي اتعمّد لكم نقل كلمته في شريعتي: (لقد اثارت أفكار الدكتور شريعتي الخلاف والجدل احيانا بين العلماء لكنه في نفس الوقت لعب دورا كبيرا في هداية الشباب والمتعلمين الى الاسلام). وغير هؤلاء.

ثم لو جاء 20 عادلاً وشهدوا بشهادة، وجاء 5 عدول وشهدوا بشهادة اخرى ضد الأولى.. هنا لايتعامل القضاء مع مبدأ الكم اطلاقاً. بل يسقط الشهادتين لأوّل وهلة.

ثالثاً، ما المراد من ضروريات المذهب التي يفسُق مخالفها؟ مع الأخذ بعين الإعتبار ما قاله العلامة المامقاني:( بأنّ بعض ما كان يعدّ غلوّاً عند القدماء هو اليوم من ضروريّات المذهب )!
ثمّ من قال إن دراسة رواية وحدث تأريخي دراسة محيطة لنوع الزمان والمكان هي رد على الله ورسوله، لا اقول ان شريعتي مجتهد ومن حقّه الإستنباط، اطلاقاً، وانما قولي هكذا: شريعتي لم يجرؤ على مماحكة مع الشرع الشريف بما هو شرع، انما توجه الى نصوص معينة وفهم منها ما فهم .. الم يكن للشيخ المفيد رأي في حادثة السيدة العظيمة روحي لشسع نعل خادمتها الفداء (ارجو ان لا تقول تقيّةً، فهي دعوى مقرونة بمفنّداتها).

ألا يوجد رأي قديم حديث حول عصمة الأنبياء والأئمة: بأنّ عصمتهم منحصرة بالأحكام التشريعية دون الموضوعات الخارجية -إلّا ما ارادوا ان يعلموه- ومن مجتهدين كبار!

اخي العزيز، لا احد ينكر هفوات شريعتي، فهذا الشهيد مطهّري حين تحدّث عن سبب القطيعة بينه وبين شريعتي قال(وضع تاريخ الشيعة في دائرة الإستفهام) .. ورغم خطورة ما يعتقده مطهري حول شريعتي إلّا انه لم يصرّح باكثر من هذا، لم يشنّ عليه هجوماً ولم يبادره بالتسخيف والإنحراف والفسق.

عموماً، تسخيف الآخر بما له من قاعدة جماهيرية عريضة يؤدي الى عملية انشطارية اقصائية للآخر، نحن اليوم باشد الحاجة الى عدم اثارتها.

كم هو عظيم سماحة السيّد السيستاني، كم هو عظيم نهجه.

حياكم الله ..
بالنسبة لأولاً .. 
ماذكرتموه استفتاء وليس فصل خصومة .. لأن فصل الخصومة لابد من حضور المتخاصمَين معا ومعرفتهما معا من قِبَل الحاكم .. 
فالاستفتاء يطبقه على مصداقه انتم واما الحكم فهو مشخص اصلا .. 

واما ظهور البعض في حقبة ما لتفسيق الناس حسب هواه .. فاولا .. هذا لا نعترف له بأنه جامع للشرائط .. ثانيا .. نحن نعلم بخطأ حكمه ... وهما شرطان بصحة حكم الحاكم .. 

واما بالنسبة لثانياً ... عفوا ... أنا لا اقول بعدم الاعتراف بفقاهة فلان او فلان ولكن أقول  لم يثبت عنهم تصويب شريعتي بل على العكس ان المنقول عن السيد الخميني رحمه الله خلاف ما نقلتم ... فان المنقول عنه انه يتهمه بالعمالة وإرادة تضليل الناس .. وحتى مانقلتموه عن السيد الخميني  رحمه الله على فرض صدوره عنه ..  لا ينزه كل افكاره بل يعترف بأنها جدلية .. والمطمئن  به هو حكم فقهاء كثر بان شريعتي ضال منحرف .. وليس قولي
أما قضية تسقيط الشهادات لو جاء 2 في قبال 20 فهل تسقط الشهادات ؟ 
قلتم تسقط .. وهذا خلاف ما ذكره الفقهاء .. بل يرجع الامر الى المرجحات ومنها الخبروية ... راجعوا منهاج الصالحين السيد السيستاني في مسألة تعارض الشهادات في قضية الاعلمية .

واما بالنسبة لثالثاً ..
مع الغض عن كل تفسيرات الضرورة ... فاننا جميعا .. حتى انتم..  نقطع بأن انكار الحكم القرآني  هو انكار للضروري .. ويرجع الى تكذيب النبي ص والقران الكريم ... واما التماس الاعذار له بانه فهم كذا او فهم كذا فلا اعتقد انها تجدي نفعا له..لانه باختصار .. فهم مراد الشارع بجواز تعدد الزوجات وقد اعترض على ذلك ووصفه بالظلم .. والقضية واضحة و لا تحتاج الى أي تفسيرات .. 
وحتى المجتهد ليس مطلق العنان في الاستنباط .. بل يجب ان يكون استنباطه يدور في فلك النص لو وجد .. 
هذا ... وهل تصويبه لانقلاب السقيفة وانهم ساروا وفق آية لاجل كذا وكذا يدخل ضمن قراءة النصوص التأريخية ام يدخل تحت مخالفة الضروري في حق اهل البيت في الخلافة السياسية والدينية ؟؟؟!!  فاذا صوّب هذه القضية فهل بقي شيء من التشيع عنده ؟؟؟ 
اما قضية عصمة الانبياء والخلاف فيها .. فهذا راجع الى ادراك المستدل عقليا على ضرورة العصمة والى درجات المعرفة في مقامات المعصومين لا الى انكار الضروري ... لان الضروري هو اصل العصمة اما تفاصيلها .. فقد يقال انها ليست من الضروريات .. 

انا اتحدث عن احكام قطعية بآيات قرآنية ينكرها ويرد عليها شريعتي وهكذا اتحدث عن حق اهل البيت في الخلافة السياسية التي صوّب فعل مغتصبيها  علي شريعتي .. ارجو ان لا تغفلوا هذا الأمر  ... 

واما المنهج في تسخيف الآخر  ... فنحن لم نسخف رأيا اجتهاديا يمكن الاخذ والرد به بل نسخف آراء تخرج الانسان من وإلى ولها تأثير على عقيدة الشباب كما بينت لكم في تعليقي الأول  .. ولنا اسوة بمولانا الصادق ع حين هاجم منهج القياس لابي حنيفة ووصفه بأنه ماحق للدين  ... وهكذا سيرة أئمتنا ع في الرد على المبطلين .. الى حد وصفوا بعض المنحرفين بالكلاب الممطورة .. وهكذا سيرة علمائنا الاعلام في الرد والتوهين لآراء المضللين للامة .. وهذا هو واجب اهل العلم وطلابه اذا وجدوا انحرافا ما حين لا ينفع النصح مع صاحب الفكرة المنحرفة ..
ولنا أُسوة بالسيد السيستاني حين وصف أحدهم في بيان معروف بأن ماقاله ذلك الشخص تجاه المرجعية كذب محض .. ولعلكم تستغربون ان يصدر مثل هذا عن السيد السيستاني .. 
نعم يصدر ويصدر إذا وصلت القضية الى حد لا يُقبل معها السكوت ... 
ولماذا أمير المؤمنين  ع لم يسكت عن اغتصاب الخلافة بداعي الحفاظ على كيان الامة ووحدتها ولكي لا تصبح الامة شقين ؟ مع انه سكت عن حقه الشخصي في كثير من الموارد .. الجواب ان قضية الخلافة قضية الهية عظمى يعد السكوت عليها اقرارا .. والاقرار يعني تمشية قضية الباطل ... فعلي ع يعلم بان موقفه الصلب تجاه الغاصبين سيؤدي الى الفرقة ... ولكن هو ليس مع الوحدة التي تكون على حساب العقيدة الاسلامية الصحيحة  ...




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=111735
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2017 / 12 / 01
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15