يحضرنا اليوم نهاية النهاية لسنين العراق السوداء . حربه المستعرة مع مجرمي داعش . نصراً من الله ثم سواعد ألأبطال جعل العراق نبراساً في صلابة الشعوب في النزال . استحق العراق أن يسمى الصخرة القاسية التي تحطم كل من اراد ضربها حتي في أكثر حالاتها ضعفاً و تصدعا.
من جهة اخرى .. في خضمّ هذه الملحمة . يقبل العراق قريباً على انتخاباته البرلمانية الرابعة و تتصاعد أصوات من هنا و من هناك لإشخاص ساهموا فعلياً أو اسمياً في معارك الدفاع عن العراق ، معللين أن "سجلهم الجهادي" يجعلهم أحق بغيرهم من امساك مقدرات الامة العراقية ، فهم درعها و حماتها . فيا ترى هل هذا هو القول الصواب ؟
الجواب هو: لاا !!!
قد تتضارب الآراء ، لكن لكل رأيٍ دليل ، و انا لي رأيي و دلائلي لدعم الرأي و تفسيره . مستعينا بامثلة بالطبع لزيادة التبسيط و تعزيز الرسالة
خلال الحرب العالمية الثانية و في وجه ألإكتساح النازي المرعب لفرنسا و احتلالها و الاكتساح الوشيك لبريطانيا العظمي المحاصرة . كان هناك شخصيتان لا يختلف احد انهما كانا نجوم الميدان و الساحة ... لفرنسا كان الجنرال الفرنسي العملاق شارل ديگول الذي ظل يلهب الجماهير الفرنسية للمقاومة و يدعمها و ينظمها و كان عنصرا مهما في تحرير فرنسا من الاستعمار . لقد كان بطل فرنسا الاول و محررها المغوار ، و لم يكتفِ بذلك . اذ عام 1959 إنهارت الحكومة الفرنسية فعاد من تقاعده و ساهم في تأسيس حكومة جديدة برئاسته فاصبح منقذ فرنسا عسكرياً و سياسياً .. ألا يستحق هذا الرجل التقديس ؟!!
شخصيتنا الثانية لبريطانيا هي المحنك رئيس الوزراء ونستون تشرشل الذي منع النازية بقوة إدارته الحديدية من قهر بريطانيا و تمكن بسياسته توفير الدعم العالمي لها و لاحقا كان من الاسباب التي أرغمت الولايات المتحدة على التورط في الحرب و هو اسطورة لا غبار عليها من اساطير السياسة البريطانيا .
من معرفتك لهذين الشخصيتين قد تفكر أنهما أصبحا تيجان رؤوس و خطوط حمراء من الطراز الاول و انهما حكما دولتيهما بامتنان الشعب حتى توفيا .. هذا المفترض فسجلهما يجعلك تتمنى ديگول و تشرشل عراقي معك .. و الصادم هو لااا!!!
رغم تاريخ الجنرال ديگول الفرنسي الذي كان بطل فرنسا الا ان الشعب الفرنسي حين راقب نزول مستوى النظام الصحي و التعليمي الفرنسي و اجحاف دخل العامل و ضعف الخدمات عن طموح الشعب الفرنسي الذي لم يرَ فيه وقتها رئيساً لائقاً... ثار عليه ! و انتفض في مظاهرات حاشدة عام 1968 دون ان يهتم بتاريخه فــهم الفرنسيين كان ما يفعله الان و لا دخل لما فعل في ماضيه .و فعلا استقال الخط الاحمر ديگول بعد عام فقط !! بعد محاولاته للاصلاح و ارضاء الشعب . اذ تقبل عجزه و ترك منصبه لمن هو افضل !!!
اما وينستون تشرشل فبعد الحرب العالمية الثانية مباشرة . خسر هو و حزبه الانتخابات التي حصلت في نفس عام النصر الذي كان من المفترض انه هو من حققه !! و لصالح الحزب المنافس ! و تقبل عملاق بريطانيا اختيار الشعب و لم يحرك جفناً في الإعتراض على الأمر و لم يعد رئيسا للوزراء إلا في الدورة اللاحقة . و كأن الشعب البريطاني يعطي العالم درساً في الوعي في اختيار حكومته بـغض النظر عن اذا كانوا من تيجان الرؤوس و حماة الاعراض
إنها لجريمة أن نقيم من سيحكمنا بكم معركة دخل ، أو كم بقعة سجود على جبينه و ما نوع الحجر الكريم في خاتمه ..إن كان يرتدي عمامة؟و بأي لون تصطبغ؟ و هل يختم القرآن كل يوم ؟ ام هل هو ابن المذهب ، أم ابن العم و العشيرة ؟... جريمة بكل حرف تعنيه الكلمة ، فلم يكن يوماً أي ربط أو علاقة لمن يتحكم في ثرواتك ليخدمك بها بافضل طريقة بما ذكرناه سلفا و ما يشكل 90% من معايير الاختيار لدينا للاسف و كل الاسف.
قبل توليته مصيرنا و ثروات بلادنا علينا على الاقل ان نرى تاريخه . نرى انجازاته السابقة و نراقب انجازاته الحالية و ما يمكن ان يفعل حقا ليس ما يقول إنه سيفعل .. يجب ان نراه بعقولنا لا قلوبنا . و نتعامل معه باشد النقد و التحقيق و المحاسبة . يحب ان نصبح فوق الخداع ... لا خيار آخر
|