يبدو إن حمى التصريحات الهستيرية للقيادات الكردية قد تصاعدت وتيرتها قبيل الانسحاب الأمريكي من العراق , فهذه القيادات التي تطالب بتطبيق الدستور قد أفصحت عن نواياها الحقيقية , فبالأمس كان مسعود البارزاني يطالب بحق الكرد بتقرير مصيرهم وحقهم في التصرف بنفط كردستان وثروته , لينظم بعد ذلك إليه كوسرت رسول نائب جلال الطالباني في الاتحاد الوطني الكردستاني ليعلن إن الوقت قد حان لإعلان الدولة الكردية , واليوم يلتحق بهم برهم صالح ليطالب بإلحاق كركوك إلى كردستان .
ومن خلال هذه التصريحات يبدو إن هنالك تبادلا منظما ومدروسا للأدوار بين هذه القيادات , الغرض منه هو تهيئة الأجواء لمرحلة ما بعد الانسحاب الأمريكي وتحقيق أمر واقع على الأرض , فالقيادات الكردية التي نجحت بتحويل إقليم كردستان إلى دولة شبه مستقلة , تحاول أن تطبق نفس الأسلوب ونفس التكتيك على كركوك وما يسمى بالمناطق المتنازع عليها , مستفيدة من أجواء الخصام والتنازع بين القوى السياسية العراقية .
فلا أعتقد أن عاقلا سيصدق ادعاءات هذه القيادات بعد اليوم بما يدّعونه من حرص على وحدة الوطن العراقي , فهذه القيادات قد أعلنت وبشكل صريح إنها تسعى للانفصال وإعلان الدولة الكردية , وما مطالبتهم بضم كركوك وباقي المناطق المتنازع عليها , إلا الخطوة الأولى نحو تحقيق هذا الانفصال .
والدستور الذي تطالب بتطبيقه هذه القيادات لا يعنيهم منه سوى تطبيق مادة واحدة تمّ حشرها وفرضها في ظروف يعرفها الجميع , حيث أن هذه القيادات قد خالفت جميع مواد هذا الدستور من ألفه حتى يائه .
وإذا كانت هذه القيادات تجهل أو تتجاهل موقف الشعب العراقي من كركوك وما يسمى بالمناطق المتنازع عليها , فالشعب العراقي يعتبر كركوك هي العراق والعراق هو كركوك , ولا مساومة عليها لا في هذا الوقت ولا في أي وقت آخر .
وقد حان الوقت للقيادات الكردية أن تفهم أن الشعب العراقي لن يسكت على هذه الاستفزازات والتجاوزات التي تهدد وحدة الوطن العراقي , ومن يريد الانفصال فليعلن هذا الانفصال إذا كان قادرا , وكركوك لم تكن مدينة كردية في يوم من الأيام ولن تكون , ولو تطلب هذا التضحية بالغالي والنفيس .
وإذا كان وفد كردستان قادما إلى بغداد من أجل ضم كركوك إلى كردستان , فليبقى في مكانه , فكركوك ليست ملكا لأبي أحد حتى يهبها لوفد حكومة إقليم كردستان , ومن يعتقد إن شعب العراق ضعيف وغير قادر على حماية أرضه , فعليه مراجعة حساباته بشكل دقيق , وعلى القيادات الكردية أن تفهم هذه الحقيقة أن بغداد هي الرئة التي تتنفس بها أربيل وحكومة أربيل , فكفاكم استفزازا لمشاعر الشعب العراقي يا قادة الكرد في العراق .
الدنمارك |