الذكاء والإخلاص الوطني!!

سألني أحد الأخوة الأجانب عن رأيّ بأحد المسؤولين في بلدٍ من البلدان.

فقال: ما هو رأيك بفلان الفلاني؟

قلت: أسْمِعني ما تريد قوله عنه.

قال: إنه ذكي.

قلت: وهل ينفع الذكاء مَن لا يملك إرادته؟!

قال: يبدو أن الأمر كذلك , لأن مسؤولا بهذا الذكاء لو ملك إرادته لحقق ما هو صالح لبلده.

قلت: إن المشكلة ليست في العقول الذكية , وإنما في التبعية وغياب الإخلاص الوطني , وترجيح مصالح الأسياد على مصالح الناس.

وفي واقع حال بعض الدول أن فيها ما لايُحصى من الأذكياء , والنوابغ والعارفين والخبراء بشؤون الحياة ومجالاتها المتنوعة , لكنهم ممنوعون من المشاركة والعمل , وهم تحت رحمة المتسلطين عليهم والذين ينفذون أجندات الآخرين.

وهذه العلة السرطانية الطاعونية المستعصية التي تستوطن الأرض  , وتصيب الأجيال المتعاقبة بآفاتها الفتاكة , تؤسس لخرابات ودمارات وتداعيات متوالية قابلة للإستثمار فيها من قبل المفترسين الشرسين.

وما دامت العلة سارية ومعدية ومستوطنة , فأن الذكاء لا ينفع , وربما يكون عدوا وخطرا , لأنه سيبتكر أساليبا بشعة ومضرة بالناس والوطن , وسيتسبب بتفاعلات معقدة متواترة مدمرة لكل ذاتٍ وموضوع.

وفي بعض البلدان المنكوبة يتولى أمرها الأذكياء وذوي الإختصاصات وأصحاب الشهادات ,  لكنهم يحررون شهادات وفاة أوطانهم ويشردون مواطنيهم , ويحيلون مدنهم إلى خراب ودمار , ويستعينون بالقوى الإقليمية والعالمية للإنقضاض على بلدانهم.

وأكثرهم لديه تعريفاته الخاصة لمعنى الوطن والوطنية والمواطنة , وهم يجتهدون في ذلك ويرسمون حالة من التداعيات الكفيلة بالحفاظ على وجودهم القاسي والظالم على رؤوس مواطنيهم , وهم الذين يسخرون ثروات بلدانهم لإستثمارها في تحقيق مصالح الآخرين , بل يتحولون إلى موجودات كارتونية متنعمة بالمناصب , وأسيادهم يديرون شؤون البلاد ويَسْبونَ العباد.

وتلك حقيقة محنة بعض الأمم والبلدان التي عليها أن ترى بعيون مصالحها ووحدتها الوطنية والإقليمية , لكي تكون وتعاصر؟!!